تُعد الملاريا واحدة من أخطر الأمراض المعدية في العالم، وهي مرض ينتقل عن طريق البعوض، ويصيب ملايين الأشخاص سنويًا، خاصة في المناطق الحارة والرطبة. ورغم التقدم الطبي الكبير، لا يزال هذا المرض مسؤولًا عن عدد كبير من حالات الوفاة، خصوصًا بين الأطفال والحوامل والأشخاص ضعيفي المناعة.
ويكمن الخطر الأكبر في أن أعراض الملاريا قد تبدو في بدايتها بسيطة وتشبه نزلة البرد أو الإنفلونزا، مما يجعل الكثيرين يتأخرون في طلب العلاج. لذلك، من الضروري معرفة أعراض الملاريا بدقة وطرق اكتشافها مبكرًا، لأن التدخل الطبي المبكر يساهم في إنقاذ حياة المصاب وتقليل خطر المضاعفات الخطيرة.
في هذا المقال المتكامل من خمسة لصحتك سنقدم لك شرحًا مفصلًا لأعراض مرض الملاريا، كيفية تطورها، الفرق بين أنواعها، العلامات المبكرة التي يجب عدم تجاهلها، ومتى تحتاج لزيارة الطبيب فورًا. كما ستجد معلومات عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة، والنصائح الأساسية للوقاية.
ما هو مرض الملاريا؟
الملاريا مرض طفيلي ينتقل إلى الإنسان عبر لدغة أنثى بعوض الأنوفيلس الحاملة لطفيلي يسمى بلازموديوم. هذا الطفيلي يدخل الدم ثم يبدأ بمهاجمة خلايا الكبد وخلايا الدم الحمراء، مما يسبب أعراضًا متنوعة تبدأ خفيفة وتصبح خطيرة إذا لم يتم علاجها بسرعة. توجد أربعة أنواع رئيسية من طفيليات الملاريا التي تصيب البشر، أشهرها بلازموديوم فالسيباروم، وهو الأكثر خطورة وقد يؤدي إلى مضاعفات مميتة. أما الأنواع الأخرى فتسبب أعراضًا أقل حدة، لكنها قد تعود مجددًا بعد سنوات.
كيف تظهر أعراض الملاريا؟
بعد لدغة البعوضة المصابة، يحتاج الجسم إلى فترة حضانة قبل ظهور الأعراض. غالبًا تتراوح هذه الفترة ما بين 7 إلى 14 يومًا، وقد تمتد أحيانًا إلى أسابيع أو شهور، خصوصًا في حالات بعض الأنواع التي تبقى خاملة في الكبد. الأعراض تتدرج من بسيطة تشبه الإنفلونزا إلى أعراض شديدة تهدد الحياة، لذلك يجب الانتباه لأي تغيرات بعد السفر إلى منطقة تنتشر فيها الملاريا أو بعد التعرض المتكرر للبعوض.
الأعراض المبكرة لمرض الملاريا
الأعراض المبكرة قد تكون خادعة وتشبه نزلات البرد العادية. ومع ذلك، فإن معرفتها مبكرًا يساعد في تجنب المضاعفات.
الحمى المتكررة
العلامة الأكثر شيوعًا.
تظهر عادة على شكل ارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة قد يصل إلى 40 درجة مئوية أو أكثر.
تأتي الحمى بشكل نوبات تتكرر كل يوم أو يومين حسب نوع الطفيلي.
القشعريرة والرعشة
يحدث ارتجاف شديد في الجسم، وقد يشعر المريض ببرودة شديدة حتى في الطقس الحار.
هذه المرحلة تعتبر بداية نوبة الملاريا.
الصداع الشديد
صداع قوي لا يستجيب بسهولة للمسكنات.
يشبه صداع الإنفلونزا لكنه أكثر حدّة ومتكرر.
التعب العام والإرهاق
يشعر المريض بعدم القدرة على القيام بأي نشاط، وكأن الجسم منهك تمامًا.
ألم العضلات والمفاصل
ألم يشبه آلام الجسم عند الإصابة بالفيروسات، لكنه أكثر ثقلًا وإزعاجًا.
الغثيان والقيء
يُصاب المريض بغثيان وفقدان الشهية، وقد يترافق مع قيء متكرر.
تعرّق شديد بعد انتهاء نوبة الحمى
بعد ارتفاع الحرارة والقشعريرة، يبدأ الجسم بإفراز كمية كبيرة من العرق، ثم يشعر المريض بتحسن مؤقت قبل أن تعود النوبة من جديد.
الأعراض المتوسطة لمرض الملاريا
مع استمرار الطفيلي في مهاجمة خلايا الدم الحمراء، تبدأ الأعراض في التفاقم.
الأنيميا (فقر الدم)
تدمير خلايا الدم الحمراء يؤدي إلى انخفاض مستوى الهيموجلوبين.
علامات الأنيميا تشمل:
-
شحوب الوجه
-
دوخة
-
تسارع ضربات القلب
-
ضيق في التنفس عند المجهود
آلام شديدة في البطن
قد تحدث بسبب تضخم الطحال أو الكبد.
التعرق الليلي الشديد
يستيقظ المريض وملابسه مبللة بالعرق، وقد تتكرر النوبة يوميًا أو كل يومين.
فقدان الشهية ونقص الوزن
بسبب القيء المتكرر والشعور الدائم بالضعف.
اصفرار الجلد والعينين
يحدث نتيجة تكسير خلايا الدم الحمراء بشكل كبير.
الأعراض الشديدة والخطيرة لمرض الملاريا
هذه المرحلة يجب التعامل معها كحالة طبية طارئة، لأن تأخر العلاج قد يؤدي لمضاعفات مميتة.
الملاريا الدماغية (أخطر أنواع المرض)
تحدث عندما تصل الطفيليات إلى الدماغ.
أعراضها:
-
تشوش ذهني
-
اختلاط الوعي
-
نوبات تشنج
-
دوار شديد
-
سلوك غير طبيعي
-
فقدان الوعي أحيانًا
هذه الحالة خطيرة جدًا وقد تسبب تلفًا في الدماغ أو الوفاة إذا لم يتم علاجها فورًا.
الفشل الكلوي
يحدث بسبب تراكم بقايا تكسير خلايا الدم في الكلى.
هبوط حاد في ضغط الدم
خصوصًا عند الإصابة بأنواع شديدة مثل بلازموديوم فالسيباروم.
فشل كبدي
يحدث في بعض الحالات المتقدمة.
صعوبة التنفس أو فشل تنفسي
بسبب تراكم السوائل في الرئتين.
انخفاض مستويات السكر في الدم
قد يؤدي إلى فقدان الوعي.
نزيف أو مشاكل في تجلط الدم
قد تظهر ككدمات زرقاء أو نزيف من اللثة.
لماذا ترتفع الحرارة ثم تنخفض في الملاريا؟
نوبات الحمى في الملاريا تتكرر لأن الطفيليات تدخل خلايا الدم الحمراء، ثم تنفجر هذه الخلايا في نفس الوقت وتطلق الطفيليات داخل الدم.
عند انفجار الخلايا تبدأ الحمى والقشعريرة، ثم بعدها بساعتين أو ثلاث يبدأ التعرق وانخفاض الحرارة مؤقتًا.
وهكذا تتكرر الدورة.
هل تختلف أعراض الملاريا بين الأطفال والبالغين؟
نعم، تختلف بشكل واضح.
أعراض الملاريا عند الأطفال:
-
حرارة مفاجئة
-
قيء متكرر
-
بكاء مستمر
-
نوم زائد أو خمول
-
رفض الطعام
-
تشنجات في الحالات الشديدة
الأطفال معرضون أكثر للمضاعفات، لذلك يجب مراقبتهم جيدًا.
عند البالغين:
الأعراض أكثر وضوحًا مثل:
-
الصداع الشديد
-
آلام المفاصل
-
التعرق المفرط
-
ضعف عام
هل تختلف الأعراض حسب نوع طفيلي الملاريا؟
نعم.
هناك أنواع أربعة مشهورة، تختلف حسب شدتها.
1. بلازموديوم فالسيباروم (الأكثر خطورة)
يسبب أعراضًا شديدة وسريعة، وقد يؤدي للملاريا الدماغية.
2. بلازموديوم فيفاكس
يسبب أعراضًا أخف لكنه قد يعود بعد أشهر أو سنوات.
3. بلازموديوم ملارياي
يُسبب نوبات حمى كل 3 أيام.
4. بلازموديوم أوفالي
أعراضها أقل حدة لكنها مشابهة لفيفاكس.
متى يجب الذهاب إلى الطبيب فورًا؟
يجب زيارة الطبيب إذا ظهرت أي من الأعراض التالية بعد السفر أو التعرض للبعوض:
-
حرارة مرتفعة مستمرة
-
قشعريرة شديدة
-
قيء مستمر
-
دوار أو تشوش
-
اصفرار الجلد
-
صداع قوي لا يتحسن
-
آلام حادة في البطن
-
أي أعراض عصبية
كما يجب التوجه للطوارئ فورًا عند ظهور:
-
نوبات تشنج
-
فقدان وعي
-
ضيق تنفس
-
نزيف
-
هبوط ضغط
التحاليل اللازمة لتشخيص الملاريا
1. فحص الدم للكشف عن الطفيلي
أكثر التحاليل دقة.
2. اختبار الملاريا السريع
يعطي نتيجة خلال دقائق.
3. تحليل صورة الدم الكاملة
لكشف الأنيميا ومتابعة الحالة.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالملاريا
-
الأطفال
-
الحوامل
-
كبار السن
-
المسافرون إلى مناطق موبوءة
-
الأشخاص ضعيفو المناعة
-
العاملون في الغابات أو الأماكن الزراعية
مضاعفات الملاريا إذا لم تُعالج
-
فقر دم حاد
-
فشل كلوي
-
فشل كبدي
-
اضطرابات الجهاز العصبي
-
الوفاة في الحالات المتقدمة
الملاريا من الأمراض التي لا يجب تأجيل علاجها أبدًا.
ما الفرق بين أعراض الملاريا والإنفلونزا؟
الملاريا:
-
حمى متقطعة
-
قشعريرة شديدة
-
تعرق مفرط
-
فقر دم
-
اصفرار الجلد
الإنفلونزا:
-
رشح
-
سعال
-
احتقان
-
صداع
-
آلام في الجسم
المزعج أن الأعراض تتشابه في البداية، لذلك التشخيص مهم جدًا.
الوقاية من الملاريا
الوقاية أهم من العلاج، لأن الملاريا تنتقل بسهولة في بعض المناطق.
خطوات الوقاية:
-
استخدام طارد الحشرات
-
النوم تحت ناموسية
-
ارتداء ملابس طويلة
-
تجنب الوقوف خارجًا بعد الغروب
-
التخلص من المياه الراكدة
-
تناول أدوية وقاية قبل السفر للمناطق الموبوءة
هل يمكن علاج الملاريا بالكامل؟
نعم، إذا تم اكتشافها مبكرًا يتم علاجها تمامًا باستخدام مضادات الملاريا المناسبة لنوع الطفيلي.
لكن التأخير في التشخيص هو المشكلة الأساسية.
✔️ الأسئلة الشائعة حول مرض الملاريا (FAQ)
❓ ما هي أول أعراض الملاريا؟
أول أعراض الملاريا عادة تكون: الحمى المتكررة، القشعريرة، الصداع، والتعب العام. وقد يشعر المصاب بارتجاف شديد يتبعه تعرّق غزير.
❓ هل يمكن الخلط بين الملاريا والإنفلونزا؟
نعم، ففي البداية تتشابه الأعراض، لكن الملاريا تتميّز بنوبات حمى تأتي وتختفي، مع قشعريرة وتعرّق شديدين، بينما الإنفلونزا غالبًا يصاحبها سعال ورشح.
❓ كم تستغرق فترة حضانة الملاريا قبل ظهور الأعراض؟
تتراوح بين 7 و14 يومًا بعد لدغة البعوضة المصابة، وقد تمتد أسابيع أو شهور حسب نوع الطفيلي.
❓ هل يمكن أن تكون الملاريا قاتلة؟
نعم، خصوصًا إذا كانت من نوع بلازموديوم فالسيباروم أو إذا تأخر العلاج. يمكن أن تسبب فشل كلوي أو كبدي أو دماغي.
❓ هل تنتقل الملاريا من شخص لآخر؟
لا تنتقل مباشرة، بل من خلال لدغة أنثى بعوض الأنوفيلس الحاملة للطفيلي. نادرًا ما تنتقل عن طريق نقل الدم.
❓ هل يصاب الأطفال بالملاريا أكثر من البالغين؟
نعم، الأطفال أكثر عرضة للمضاعفات، خصوصًا الجفاف، الأنيميا، والملاريا الدماغية، لذلك يجب الانتباه جيدًا لأعراضهم.
❓ ما التحاليل التي تكشف الملاريا؟
أهم التحاليل هي فحص الدم للكشف عن الطفيلي، واختبار الملاريا السريع، وتحليل صورة الدم لمعرفة وجود فقر دم.
❓ هل يعود مرض الملاريا بعد الشفاء؟
بعض الأنواع مثل بلازموديوم فيفاكس وأوفالي قد تعود بعد أشهر أو سنوات لأن الطفيلي يظل مختبئًا في الكبد، لذلك يحتاج المريض علاجًا وقائيًا إضافيًا.
❓ هل يمكن علاج الملاريا في المنزل؟
لا، يجب العلاج تحت إشراف طبي. يمكن تخفيف الحرارة وتسكين الأعراض في المنزل، لكن العلاج الأساسي يعتمد على مضادات الملاريا المتخصصة.
❓ كيف أحمي نفسي من الملاريا؟
باستخدام طارد الحشرات، والنوم تحت ناموسية، وارتداء ملابس طويلة، وتجنب الأماكن التي يكثر فيها البعوض، وتناول العلاج الوقائي قبل السفر للمناطق الموبوءة.
خاتمة “خمسة لصحتك”
الملاريا ليست مرضًا عابرًا، وأعراضها تتدرج من بسيطة تشبه الأنفلونزا إلى أعراض خطيرة قد تهدد الحياة. معرفة العلامات المبكرة، والانتباه لنوبات الحمى المتكررة، والتشخيص السريع، جميعها أمور ضرورية للوقاية والعلاج. وعند السفر إلى الأماكن التي ينتشر فيها المرض، تصبح الوقاية خطوة أساسية لا يمكن تجاهلها.
احرص دائمًا على التعرف على الأعراض، واطلب المساعدة الطبية فورًا إذا شعرت بعلامات غير طبيعية.
صحتك هي أغلى ما تملك — فاحرص على حمايتها.
⚠️ إخلاء المسؤولية
جميع المعلومات الواردة في موقع خمسة لصحتك هي لأغراض التثقيف والتوعية فقط، ولا يُقصد بها أن تكون بديلاً عن الاستشارة الطبية أو النفسية المتخصصة. نوصي دائمًا بمراجعة الطبيب أو المختص قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بصحتك الجسدية أو النفسية.
إن اعتمادك على أي معلومة منشورة هنا هو على مسؤوليتك الشخصية، والموقع لا يتحمل أي تبعات لذلك.









